كم يستغرق فقدان الإحساس بعد جراحة الفك؟
فهرست مطالب
أحد الأسئلة الأكثر تكرارًا، وربما الأكثر إثارة للقلق، التي يطرحها المراجعون في جلسات استشارة جراحة الفك التقويمية هو: هل سأفقد الإحساس في وجهي وشفتاي إلى الأبد بعد العملية؟
إن الخوف من التخدير الدائم هو مصدر قلق مفهوم تمامًا. الوجه هو محور عواطفنا واتصالاتنا. لكن في عالم الإنترنت والإشاعات غير العلمية، غالبًا ما يضيع الحد الفاصل بين التخدير المؤقت الذي هو جزء من عملية الشفاء و التخدير الدائم.
في هذه المقالة المتخصصة من موقع الدكتور شهاب الدين عزيزي، سنتجاوز الكليشيهات. من خلال الدراسة الدقيقة لتشريح العصب، والجدول الزمني لعودة الإحساس، والتجارب الواقعية لفترة النقاهة، سنخبرك بالضبط بما يجب أن تتوقعه وكيف يمكنك مساعدة أعصابك على الاستيقاظ بشكل أسرع.
لماذا يحدث فقدان الإحساس بعد جراحة الفك؟
لفهم سبب فقدان الإحساس، يجب أن نعرف ما يحدث تحت الجلد.
في جراحة الفك السفلي (BSSO)، يتم إجراء قطع في عظم الفك لتصحيح موضعه. داخل هذا العظم، توجد قناة يمر من خلالها العصب السنخي السفلي. هذا العصب مسؤول عن تزويد الإحساس للشفة السفلية والذقن والأسنان السفلية.
في جراحة الفك، لا يتم قطع العصب. ما يحدث عادة هو شد العصب أو الضغط الناتج عن إزاحة العظم. في علم الطب، تسمى هذه الحالة الاعتلال العصبي، وهي حالة تكون فيها بنية العصب سليمة، ولكن قدرتها على نقل الرسائل العصبية تتوقف مؤقتًا بسبب الصدمة التي تعرضت لها. تمامًا مثل القدم التي تنام، ولكن بشدة ومدة زمنية أطول.
فقدان الإحساس بعد جراحة الفك هو إحساسي بحت ولا علاقة له بالشلل الوجهي. الأعصاب الحركية للوجه تقع في مسار آخر ولا تتأثر في هذه الجراحة. لذلك، سيحتفظ وجهك بحركته الطبيعية، حتى لو لم تشعر به.
الجدول الزمني للعودة إلى الحالة الطبيعية
شفاء العصب هو عملية بيولوجية بطيئة ولكنها مستمرة. على الرغم من اختلاف جسم كل فرد، إلا أن الأبحاث العلمية ترسم النمط التالي لعودة الإحساس:
فقدان الإحساس الكامل من الأسبوع 1 إلى 4
في الشهر الأول بعد الجراحة، يعاني ما يقرب من 100% من المرضى من فقدان الإحساس الكامل أو ثقل شديد في منطقة الشفاه والذقن. هذا هو رد الفعل الأكثر طبيعية للجسم تجاه الجراحة. في هذه المرحلة، يركز الجسم على ترميم العظام وتقليل الالتهاب، وليس استعادة الإحساس.
من الشهر 2 إلى 6
هذه هي الفترة التي تبدأ فيها علامات عودة الإحساس، والتي قد تقلق المرضى أحيانًا. قد تشعر بأحاسيس مثل ما يلي:
- الوخز (Tingling)
- الشعور بحكة عميقة لا يمكنك حكها
- صدمات كهربائية خفيفة قصيرة
- الشعور بالدفء أو البرودة
كل هذه الأعراض، التي تسمى طبيًا التنمل (Paresthesia)، هي علامات إيجابية. هذا يعني أن العصب في طور الشفاء وأن الإشارات (وإن كانت غير منتظمة) يتم إرسالها إلى الدماغ.
من الشهر 6 إلى 12
في هذا الإطار الزمني، يعود إحساس اللمس الدقيق (Fine Touch) تدريجيًا. تشير الدراسات إلى أنه بحلول نهاية عام واحد، يكون لدى حوالي 80 إلى 90 بالمائة من المرضى استعادة مُرضية للإحساس.
العودة إلى الظروف العادية بعد عام
إذا استمرت التغييرات في الإحساس بعد 12 إلى 18 شهرًا، فمن المحتمل أن تكون دائمة. لكن هناك نقطة دقيقة جدًا: التخدير الدائم عادة لا يعني فقدان الإحساس المطلق. يعاني معظم هؤلاء الأفراد من نقص الحس (Hypoesthesia)، أي انخفاض في الإحساس. إنهم يشعرون بالضغط واللمس، ولكن قد لا يتمكنون من تمييز نعومة ريشة على جلد الذقن. إنها تجربة لا تؤثر سلبًا على نوعية حياة معظم الأفراد.
تجارب واقعية وشائعة أثناء فترة النقاهة
يواجه العديد من المرضى أعراضًا أثناء فترة النقاهة تسبب لهم الذعر لأن الأطباء لم يتحدثوا عن التفاصيل اليومية الدقيقة. إن معرفة أن هذه الأعراض طبيعية هو نصف الطريق إلى راحتك:
- الإحساس الكاذب بالرطوبة: قد تشعر عدة مرات وكأن لعابًا أو قطرة دم تسيل من زاوية شفتك، ولكن عندما تلمسها تجدها جافة. هذا خطأ في إرسال الإشارات من العصب أثناء شفائه.
- اضطراب في تمييز درجة الحرارة: قد لا تكون الشفة السفلية قادرة على تمييز سخونة الشاي أو برودة الآيس كريم. (نصيحة: اختبر درجة الحرارة دائمًا بالشفة العلوية قبل الشرب) .
- الشعور الكاذب بالثقل والتورم: حتى بعد أشهر من زوال التورم، قد تشعر أن شفتك السفلية كبيرة وثقيلة جدًا. هذا بسبب الانقطاع المؤقت في التغذية الراجعة الحسية للدماغ.
- تحدي تنظيف الأسنان بالفرشاة: نظرًا لأنك لا تشعر بضغط فرشاة الأسنان على اللثة، فقد تتسبب عن غير قصد في نزيف. استخدام المرآة إلزامي خلال هذه الفترة.
- العض غير المقصود: في الأسابيع الأولى، من الشائع عض الشفاه أو الخد الداخلي بسبب فقدان الإحساس. تناول الطعام ببطء هو مفتاح حل هذه المشكلة.
- الحساسية للبرودة: قد تسبب ريح المكيف أو الهواء البارد في الشتاء ألمًا خفيفًا أو تصلبًا في الذقن. تغطية الوجه في البرد مفيد.
- الخوف من اتساخ الوجه: القلق من بقاء الطعام على الوجه وعدم ملاحظته. استخدام منديل المائدة بشكل وقائي يزيل هذا القلق الاجتماعي.
- الشعور بالغرابة: قد يكون لمس الوجه إحساسًا مشابهًا للمس وجه شخص غريب أو لمس الجلد من فوق طبقة من القماش.
- صعوبة في المكياج والحلاقة: يتطلب وضع محدد الشفاه أو حلاقة الوجه بشفرة دقة مضاعفة، لأن التغذية الراجعة الحسية للجلد منخفضة.
- تصور اضطراب في النطق: قد تشعر أنك تتحدث ببطء، بينما لا يلاحظ من حولك أي تغيير في صوتك.
كيف نسرع عملية استعادة الإحساس؟
يمكنك زيادة سرعة التغيير من خلال القيام بالتمارين والأنشطة التالية:
تمارين التمييز بين الأنسجة
لمدة 5 دقائق يوميًا، وبأعين مغلقة، قم بمسح أشياء ذات أنسجة مختلفة برفق على المنطقة المخدرة وحاول تخيل الفرق بينها في ذهنك:
- القطن (ناعم)
- فرشاة أسنان ناعمة (خشنة)
- ملعقة معدنية (باردة وناعمة)
التدليك والتحفيز
التدليك اللطيف للشفة والذقن، بالإضافة إلى تقليل التورم، يحفز مستقبلات الأعصاب. كما أن محاولة القيام بحركات وجه مبالغ فيها (مثل زم الشفاه أو الابتسامة العريضة) أمام المرآة تساعد في إعادة الاتصال بين الدماغ والعضلة.
المكملات العلاجية
تحت إشراف الطبيب، يمكن أن يكون تناول فيتامينات مجموعة B، وخاصة B1 و B6 و B12، فعالاً في ترميم غلاف المايلين للأعصاب.
العلاج بالليزر
يعد استخدام الليزر منخفض الطاقة في جلسات المتابعة إحدى الطرق المثبتة لتسريع ترميم العصب وتقليل الالتهاب حول القناة العصبية.
كيف يتم علاج فقدان الإحساس بعد جراحة الفك؟
جراحة الفك هي مسار علاجي يهدف إلى تحسين وظيفة المضغ والتنفس والتحدث وبالطبع جمال وجهك. فقدان الإحساس المؤقت هو الثمن الذي ندفعه لتحقيق هذا التوازن والجمال الدائم.
تذكر، أعصابنا أذكى من أن تستسلم؛ إنها تحتاج فقط إلى وقت. إذا كنت قلقًا بشأن حالتك الحسية أو لاحظت أي أعراض غير عادية، فإن الفريق المتخصص للدكتور شهاب الدين عزيزي يقف إلى جانبك في جميع مراحل التعافي لمراقبة عملية استعادة صحتك من خلال الفحوصات الدقيقة.